الأول

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

التربية بين البحر والكثبان

كنت في رحلة خلوية على شاطئ البحر مع أبنائي وبعض الأقارب ، وأنا بين تأملاتي في البحر الممتد أمام ناظري .. وبين ملاحظتي للأبناء يلعبون ويمرحون مع بعضهم .. أخذت أتفكر في الفوائد التربوية التي نستطيع أن نستفيد ها من الطبيعة .. وقد نحرم منها ويفتقدها أبناؤنا داخل البيوت والتي هي شبيهة بالسجون في كثر من الأحيان .

- انطلاق الأبناء على سجيتهم دون قيود تكبل إبداعاتهم .

- بوادر القيادة وتحمل المسؤولية
- اعتمادهم على أنفسهم
ــ اكتسابهم لمهارات جديدة
وغيرها الكثير .

وأخذت أترقبهم في كل نزهة برية كانت أو بحرية لأكتشفت مدى فوائد الطبيعة في التربية فكانت :

1-اتساع أفق التفكير :
يتعرض الطفل والأبناء بشكل عام إلى تجارب جديدة فمثلا أثناء لعبهم بالتراب . . بالماء ...
الطفل يرى هذه المادة التي يشكلها كما يريد ويبني بها القصور والجسور .. ثم يهدمها .. ويشاهد الماء كيف يفسد ما بناه .. وفي نفس الوقت يرى مادة أخرى لا يستطيع أن يكيفها كما يريد بل هي تتحكم في شكلها ولا يستطيع الإمساك بها .

يرى شروق الشمس أو غروبها في أكثر الأحيان .. يرى البحر على اتساعه .. وارتفاع أمواجه أو سكونه
يرى كثبانا رملية إما سكنة أو يهاجم الهواء ترابها بعنف أحيانا . أو يداعبها بحنان أحيانا أخرى .
يشاهد السماء إما صافية فيستشعر جمالها ونقاءها وإما ملبدة بالغيوم . فينتظر نزول المطر .. أو يرى السحب تبدأ تغطي زرقة السماء
كل ذلك يشكل مخزونا لفتح مدارك الطفل واتساع أفق تفكيره خاصة إن لفتنا عقله لذلك دون أن نتدخل في سير متعته .. وطريقة لعبه .

2-تحمل المسؤولية :
من حين نزولهم بعد توقف السيارة فكل لابد أن يتحمل مسؤولية ما : إنزال شيء من السيارة .. ووضعه في مكانه .. الطعام .. الألعاب .. أغراض الطبخ .. المتاع .
مسؤولية المحافظة على ممتلكاته وألعابه .
مسؤولية الأخوة الكبار ناحية صغار السن أيضا بشكل لا يفسد عليهم متعتهم .
مسؤولية نظافة المكان .. مسئولية تنظيم بعض الألعاب التي تحتاج إلى ذلك .

3-صقل مهارة القيادة :
ومنها ما سبق وأضيف عليها هنا كل ما يخص القيادة كتكليف الجميع كل حسب عمره وحسب قدراته بشكل تكون فيه الفرص متاحة للجميع بالتناوب .
لعبة جماعية يتناوب الجميع على قيادة اللعبة أو على عدد من الألعاب فكل لعبة يقودها شخص .
زرع المبادرة من خلال تشجيع من يبادر بالعمل أو باقتراح . مع تعليمهم المبادرة من خلال السؤال و إتاحة الفرصة لهم .

4-ضبط الانفعالات :
عادة في الرحلات . لا تتم الأمور على حسب رغبات الجميع يحدث سوء فهم بين الأبناء .. يتنازعون على بعض الألعاب .. يخطأ أحدهم على آخر ..
يدفن أحدهم حفرة تعب بها آخر. تأتي موجة فتهدم قصرا بناه الأبناء بل تعبوا في تشييده ....
كل تلك المواقف فرص يتعلم بها الأبناء ضبط الانفعالات وعدم الغضب أو بشكل أدق كيف يتحكمون في غضبهم ..
من خلال أولا مشاهدتهم لنا كقدوات في ذلك .. بأن لا ننفعل أمامهم بغضب يخرج عن السيطرة ..
ثم تدريبهم كيف يتصرفون في مثل تلك المواقف.. وكيف يتفاهمون مع بعضهم .. وكيف يفرغ غضب من يغضب منهم .

5-الثقة بالنفس والاعتماد عليها:
مما ينمى الثقة بالنفس بقدراتها و إمكانياتها وبالتالي أن يعتمد عليها مما ينمي ذلك ، أنجاز أعمالا فردية والنجاح بها . في تلك الرحلات الخلوية طرق كثيرة لذلك.
فعندما ينجح الطفل في بناء مجسمات من الِرمل أو حتى عمل حفرة تمتلئ ماء.
أو بصنع قوالب متنوعة من الرمل .
عند إشعال النار...يذهب كل واحد من الأطفال ليبحث عن أعواد من الحطب لإضرام النار وأثناء بحثه يكتشف أشياء جديدة ويرى أحيانا مخلوقات صغيرة غريبة بالنسبة إليه كالسحالي الملونة .. فرس النبي أو بعض الخنافس المختلفة ويشكل ذلك مخزونا معرفيا جديدا .

وأيضا عندما ينطلق الأنباء لوحدهم يتسلقون الكثبان الرملية .. أو يتمشون على التراب يصب كل ذلك في زيادة الثقة بالنفس

6-اكتساب مهارات جديدة :
تشكل النزهات الخلوية بابا للتدريب و اكتساب المهارات . وذلك يتضح في نصب الخيمة .. إشعال النار .. السباحة ..الطبخ .. مهارات التعامل مع الآخرين و غيرها من مهارات الحياة كالتخطيط و إدارة الرحلة . كثير من تلك المهارات لا يتسنى اكتسابها داخل البيت .

7-شحن الإيمان:
بربط المناظر الرائعة التي يرونها الأبناء بالله تعالى سبحانه .. وتذكيرهم بأنه هو الخالق المبدع جل وعلا

التأمل بمنظر غروب الشمس .. بتلألئ النجوم في السماء
ببداية زحف الظلام على ضوء النهار .

تذكيرهم بمن خلق الأشجار .. والماء .. وباقي المخلوقات

إلى الممارسات العملية للعبادة كصلاة الجماعة .. الذكر .. قيام الليل .
كل ما سبق و غيره يعتبر زاد إيماني لاينفذ إن استثمر جيدا .

8-التعرف على شخصيات أبنائك .
وهذا يتأتى بشكل كبير في تلك الرحلات
فيتصرف الأبناء على طبيعتهم عكس وجودهم في البيت ، فقد يجاملون أو يتحسسون من بعض التصرفات. لكن في تلك الرحلات تتجلى في الغالب صفاتهم .. وكيف تكون ردات فعلهم تجاه المواقف المختلفة .

9-الشجاعة :
من الصفات الجيدة التي ممكن أن يكتسبها الأبناء خصوصا في طلعات البراري.
عندما يضطر أن يسير في الظلام . أو أن يبحث عن شيء ما في الليل ... وإذا رأينا ترددا عند البعض أو شيء من الخوف فلانتهم بالجبن، أو نستهرأ ،أو نقارن ، بل نشجعهم بأن نتجول معهم ليلا حتى يكتشفوا أن لا شيء يخيف وإنما هو أمر نفسي وتهيؤات أحيانا . وبالإمكان الابتعاد عن المخيم سيرا على الأقدام نهارا ولفترات يكون الابن لوحده ..

10- توثيق العلاقة :
فالوقت الطويل الذي نقضيه معا سواء في رحلة أسرية أو تضم أفرادا من العائلة فرصة لتقوية الصلة .

من خلال تبادل الأحاديث وجلسات السمر حول شعلة نار وشواء الكستناء أو حبوب الذرة و بانتظار غليان إبريق الشاي الذي يكون له مذاق خاص هناك .

من خلال التعاون في كثير من الأعمال .

من خلال رواية القصص والتجارب الشخصية .

ومضات
لكي تستثمر التربية بالطبيعة وتؤتي بنتائجها ننتبه لبعض الأمور :

1-ترك الأبناء يختارون ويقررون. وأن لا نتدخل إلا عند الضرورة .
2-أن نعيش معهم . نعيش حياتهم .نلعب معهم ونشاركهم من.. الإعداد إلى اختيار المكان إلى برامج الرحلة وأنشطتها .
3-لفت انتباههم إلى ما قد لا يلتفتون إليه من مناظر الطبيعة الذي ذكرنا بعضها.
4-محاولة إطالة فترة الرحلة على قدر الإمكان للاستفادة منها .

منير الخالدي

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية