الأول

الخميس، 19 يناير 2012

من هنا يبدأ التغيير.

عبدالله سعد الغنام

إن من السهولة بمكان أن نقول هذا خطأ, وذلك لا يصلح , وتلك المنظومة أو المجتمع يحتاج إلى تطوير وتغيير. إنهاء مجرد كلمات جوفاء , وهي جسد بلا روح , لأنها لم تولد من رحم المعاناة ولم تعانق الصبر , بل إننا نرددها جُزافا. وكم نبدو ظرفاء وربما للأسف أحيانا سعداء عندما نحاول أن ننتقد الآخرين , أو حين نذهب إلى أبعد من ذلك فنحاول أن نغيرهم تشدُّقا منّا , وظناً أنه هو الأفضل لهم , فهل سألت نفسك يوما إذا كنت أنت الذي يحتاج إلى التغيير؟
 النفس البشرية تعشق وتطرب لكلمة "أنا" , فهي تدغدغ المشاعر وترفعك وهما إلى عنان السماء. بل , تجعلك تشعر بأنك خيرٌ وأفضل من غيرك , وربما يكون وراء الأكمة النزعة شيطانية. الم يتبجح بها الشيطان يوما فقال "أنا خير منه". ولذلك هي تدفعك لتقول هم الذين عليهم أن يتغيروا , وهم الذين عليهم أن يتطوروا. أما أنا فثابت , والكون يتحرك من حولي أنا. قد يُنكر بعضنا ذلك ولكنه موجود في أعماقنا , وتراه يطل علينا بين الفينة والأخرى فانتبهوا له , فإنه شعور فتّانٌ وجميل ولكنه خطير!.يُحكى أن شابا يافعا كان يردد دوما وأبدا "إني سوف أغير العالم من حولي , ليكون عالما أفضل". إن الطموح له مذاق خاص لا يعرفه إلا من ارتشف منه. لقد ظل ذلك الشاب يحاول لسنوات بكل إخلاص ومثابرة وبلا انقطاع أن يغير العالم من حوله , فلما بلغ أشده , أدرك انه قد لا يتمكن من تغير العالم , فعزم على تغير وطنه للأفضل.
 
 ومضى من عمره عشرة سنوات أخرى عجاف , ولم يتغير ذلك الوطن الحبيب !. ولما بدء الشيب يشق طريقه في مفرقيه , اطرق مفكرا , ثم قال الآن عرفتها , لابد من أن أغير من قريتي , ويا ليته استطاع فعل ذلك , ولكن مضت سنوات أخرى من عمره ولم يتغير شيء. فلما بلغ الستين واعتقد أنه قد أمسك بالحكمة بين كفيه , قال مُتنهداً إذاً السر في البيت , سوف أغير من أحوال أسرتي , واعتقد انه أمر هين. ولكن مرت الأيام وسنون كأنها ومضة , فإذا به شيخ هَرِم , وقد اشتد عليه المرض , ودنى منه الأجل , فقال لأبنائه وهم من حوله يحفّونه "الآن وجدتها والآن أدركتُها , يا بَنيَّ غيروا أنفسكم , وسيتغير العالم من حولكم "  فهل لابد أن ننتظر إلى الشيخوخة حتى نَعِيها

التسميات:

1 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية