الأول

الأحد، 8 مايو 2011

الدلال الزائد والمبالغة في العقاب يقودان الى طفل مشاغب.



نداء عواد
نقلاً عن جريدة الدستور
مجلة احتياجات خاصة

امنيات عديدة يتمناها الزوجان بعد زفافهما ابرزها قدوم الاطفال.. لكونهم زينة الحياة الدنيا واجمل لحظات وذكريات الاسرة ، الا ان العديد من الاسر والامهات تحديدا يعانون من تربية الاطفال المصحوبة بالعديد من المشاكل والمتاعب والتي تكون في بعض الاحيان محفوفة بالمخاطر ، خاصة وان رُزقا بمولود "مشاغب" لديه زيادة في النشاط عن المألوف.

فعندها تدخل الام في حيرة من امرها و تبدأ باطلاق الاصوات العالية "الصراخ" وصولا الى درجة الضرب في محاولة لتعديل سلوكه واعادته الى "المشاغبة" المألوفة والمحتملة.

ويلجأ الآباء او الاخوة الكبار في اغلب الاوقات الى استخدام عملية الضرب: كحل لتأديب الاطفال وقليل من العائلات التي لا تلجأ الى العنف كطريقة لتربية الطفل ، اذ بات العقاب هو الاسلوب الأمثل لردع الطفل من القيام بكل ما هو ممنوع في نظر تلك العائلات ، متناسية ما تتركه هذه الحالة من آثار سلبية على نفوسهم واحيانا على اجسادهم في حالة الضرب القاسي او العنف الشديد والتسبب بالعاهات والتشوهات لهم ، والتي سببت ظهور حالات مرض نفسية مثل فقدان الثقة بالنفس ونشوء الكراهة للاخرين.

ففي مراحل نمو الطفل تبدأ صفات الاستقلالية والتحدي والعناد والمشاكسات الخفيفة تظهر عليه بطرق يمكن تقبلها.. الا ان العديد من الاطفال تبدأ هذه الصفات تزداد عندهم لتصل الى حد عدم القبول او الاحتمال.

ويبدأ سلوك الطفل بالظهور تدريجيا على عدة مراحل اولها من سن 18 شهرا الى 36 شهرا حين يبدأ الصراع بين الطفل وامه بسبب رغبتها بالحصول على العلاقة الامثل في المنزل خاصة عند تناوله الطعام او رمي الالعاب للعب او التحكم في التبول.

وسرعان ما تبدأ المراحل المتتالية للدخول في سن الاستعداد للمدرسة وتهيئته لهذه الظروف لتمتد هذه المراحل حتى دخوله سن المراهقة ليثبت ما كان معتادا عليه في صغره والتأكيد على استقلاليته وقدرته على اتخاذ القرار المناسب.

اسباب مباشرة

يميل بعض الاطفال بحكم تركيبهم الفسيولوجي والنفسي الى الارادة القوية وتأكيد الذات والتصميم على الخيارات الشخصية ، فيحصل الصراع حين يصر الابوان على هذا الطفل لتأكيد سلطتهما وسيطرتهما فينشأ السلوك المشاكس نتيجة لاثبات الذات او التعرض لمشكلات سلوكية نفسية او عاطفية بسبب الاصابة بمرض او اعاقة او انفصال الوالدين ، وهو نوع من الدفاع عن النفس حيال قلة الحيلة او فقدان تقدير الذات او شعور الطفل بأنه غيرُ مرغوب فيه.

كما اثبتت المشاهدات ان الطفل يكون مشاكسا بسبب الدلال او الاهتمام الزائد من قبل الام او الاب ، ويظهر هذا السلوك بوضوح ضمن العائلات التي تفتقد الى ادنى سيطرة على تصرفات اولادها.

سمات الطفل المشاكس

لقد بينت دراسات أن سمات المشاكسة بدرجاتها المختلفة تنتشر لدى %22 من اطفال المدارس ، ورغم ان هذا السلوك يبدأ في سن مبكرة ، الا انه غالبا ما يتبلور في سن الثامنة.. وينتشر هذا الاضطراب في صفوف الذكور اكثر من الاناث قبل البلوغ ، اما بعد البلوغ فيتساوى الجنسان.. ويسبب هذا الاضطراب خللا واضحا في النواحي الاجتماعية او الدراسية او الوظيفية.

كما بينت بعض الدراسات أنه يمكن اعتبار الطفل مشاكسا عندما يتخذ سلوكه نمطا من السلبية والعدوانية وتشتت الذهن لفترة لا تقل عن ستة شهور او اجتماع اكثر من صفة في شخصيته كتبدل مزاجه بسهولة يصاحبه الانفعال السريع والغضب.

تفهم الاسرة

من الملاحظ ان الاهل يتحرجون من تصرفات اطفالهم خاصة عند ذهابهم الى زيارة الاصدقاء او الاقارب او استضافتهم لزوار في المنزل فتبدأ مشاكسة الطفل وتصرفاته غير المحببة والمتمثلة باصدار الفاظ خارجة عن المألوف وحركات زائدة تدخل الابوين في حرجْ امام الحضور خاصة إن تسبب الطفل باحداث كسر في اثاث المنزل او ضرب اطفال الزائرين ، فالمشكلة الفعلية لا تكمن في الطفل وانما تكمن بردة فعل الاهل والحضور فتجد احيانا ان الابوين لا يكترثان للامر الحاصل ما يستفز الاخرين فيتصرفون مع الطفل بشكل مغلوط او ان تكون ردة فعل الابوين اعنف من فعل الطفل فتتفاقم المشكلة خاصة اذا احتج احد الابوين على تصرف الاخر.

لكن المفروض في مثل هذه الحالة ان تبادر الام بالاعتذار من الحاضرين وبإسلوب يشعرهم بأن تصرف الطفل غير مقبول والتأكيد على عدم تكرار مثل هذه الافعال مجددا ، ويجب معاقبة الطفل على تصرفاته بحرمانه من الذهاب مع ابويه لمثل هذه الزيارات وتفهيمه خطأه وتصرفه مع ضرورة مراقبة ردة فعله لمثل هذا العقاب ان كان سيؤدي الى نتائج سلبية ام ايجابية ، وان كان الزوار في بيتهم فيتم معاقبته باجباره على الذهاب لغرفته و تأنيبه بطريقة معقولة.

لقد اثبتت غالبية الدراسات أن استخدام العنف ضد الأطفال اسلوب مرفوض مهما كان نوعه كطريقة للتأديب والتربية وانما على الوالدين في البيت وكذلك المعلمين في المدرسة ان يستخدموا طرقا اخرى بديلة بعيدا عن العنف والضرب ، كأن يكون عن طريق الحوار .

التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية